محمد علي الطاهر
 

نبذة ذاتية

>

صفحة ١٧

وللدلالة على فظاظة محمد يوسف ، أنه لما طلبت أم الحسن قبل اقتيادها إلى السجن أن تعطي عصفور الكناري الذي كانت تقتنيه الأسرة إلى الجيران كي يهتموا به فلا يموت جوعا أو عطشا ، رفض الضابط أن يسمح لها بذلك ، فتركت العصفور في قـفصه على سلم البناية لعل أحد الجيران يعتني بالعصفور الذي تيتم !١١

لـدى وصولهـا إلـى سـجن الأجانب في بوكـس (van) البوليس استقبلها مستر هيكمـان (Mr. Hickman) مدير السجن المالطي الأصل استقبالاَ لائقاَ واعتذر لكونه سيلعب دور السجّان لسيدة محترمة مثلها ، وأصبح يشاركها بعض ما يصله من مجلات إنجليزية كانت زوجته مشتركة فيها. وكان الطبيب الشرعي في حكمدارية (أي محافظة ) القاهرة قد رفض إجراء غسيل معدة لها حسب أوامر محمد يوسف الذي اشتبه في أنها قد ابتلعـت ورقة عليها عنوان مخبأ أبـو الحسن . حيث قال له الطبيب أن هذا إجراء يطبق على المجرمين والمهربين ولا يجوز القيام به مع سيدة محترمة . وكانت الحكومة في تلك الأيام "تخبىء" بعض المسجونين السياسيين المصريين المهمين في سجن الأجانب كي يصعب على ذويهم معرفة مكانهم ، وكان من بين هؤلاء المساجين في ذلك الوقت الوطني المصري الشهير أحمد حسين ، زعيم حزب مصر الفتاة ، وغيره . فلما لمحوا قرينة محمد علي الطاهر في نفس السجن ، وكان معظمهم يعرفونها ، تمردوا ضد إدارة السجن وهددوا بالإضراب عن الطعام .

لما فشل محمد يوسف في مهمته ألا وهي القبض على أبي الحسن بعد أن تمكن من الهرب من السجن وفشلت محاولات وزارة الداخلية في العثور عليه ، قامت الحكومة بترحيل أم الحسن بحجة أنها أجنبية إلى خارج حدود مصـر في اكتوبر (تشرين الأول) ١٩٤١ ، أي خلال الحرب العالمية الثانية ، في قطار عسكري بريطاني حملها الى مدينة اللّـد بفلسطين. وقد أرادت الحكومة بذلك أن تضغط على أبا الحسن كي يسلم نفسه .  وكانت أم الحسن تحمل وقتها فعلاً جواز سفر صادر عن حكومة الإنتداب الفرنسية التي كانت تحكم لبنان في ذلك الزمن . بعد قضاء اسبوع في فلسطين توجهت أم الحسن إلى لبنان للإقامة مع أقاربها إلى حين أن تنحل الأمور بالنسبة لزوجها الهارب .

عندما استقلت أم الحسن القطارالعسكري أجلست في القسم المخصص للضباط . وبينما كان القطار منطلقا بأقصى سرعة دون أي أضواء منبعثة منه خوفا من قيام الطائرات الحربية الألمانية بقصفه خلال عبوره لمنطقة قناة السويس ، نشب عراك بين اثنين من الجنود في نفس عربة القطار التي كانت تجلس فيها أم الحسن . وقد قصت تلك القصة عدة مرات على أبنائها وبعض الأصدقاء وأضافت قائلة أن واحدا من الجنديين تلفظ بمسبة ضد الآخرفي الظلام الدامس . وفجأة هب الضباط الراكبين في عربة القطار وجلهم من الإنجليز والأستراليين وصاحوا بالجندي : "عيب عليك أن تتلفظ بمثل تلك المسبات فهناك سيدة في القطار، ويجب أن تحضرحالا لتعتذر إليها !" وقد تأثرت أم الحسن بهذا الموقف وغمرها السرور أكثر لطرافة الموقف عندما حضر الجنديان ووقفا أمامها في وضع "انتباه" وأدى لها التحية العسكرية واعتذرا عما تلفظ به أحدهما.

جواز سفر أم الحسن الصادر عن دولة الإنتداب فرنسا عام ١٩٤١
الصفحة السابقة
الصفحة اللاحقة
 
Eltaher.org ٢٠٢٤ © | اتصل بنا