"دار الشــــورى"
كانت دار جريدة "الشورى" في أثناء صدورالجريدة سنة ١٩٢٤ والسنوات التالية مرجعا يستأنس فيه الغريب النازح عن أوطانه المستعبدة أو المستعمرة . حيث كان المنكوبين والمظلومين والمطاردين الذين انتزعت أوطانهم منهم وفقدوا حريتهم ويطلبون الاستقرار والأمان كانوا يأتون إلى مصر البلد المضياف والمرحب بالزائر ومجير المظلوم ، ويلتقون حول بعضهم البعض ، ويجعلون من "دار الشورى" مكانا يجتمعون فيه بطبيعتهم ، وبدون مواعيد سابقة . وكان الجميع يعرف أن باب مكتب أبا الحسن كان مفتوحاً لهم يومياً من السابعة حتى التاسعة مساءً ، بل وبإمكانهم أن يضبطوا ساعاتهم على مواعيد أبو الحسن الدقيقة . كان المرء يرى عند أبا الحسن زعماء من سورية يمثلون مختلف الأحزاب في سنة ١٩٢٥ وما بعدها ، أي قبل سنوات عديدة من إنشاء "دار الشورى" ، يلتقون مع زعماء من فلسطين عندما يغادروا أوطانهم بضغط من الاستعمار الذي شرّدهم .
|
أبو الحسن مع الوجيه اللبناني الدرزي والوطني العربي الأمير شكيب أرسلان مع مؤلف كتب الأطفال المصري كامل كيلاني
والأديب المصري
محمد الههياوي، رئيس تحرير جريدة الأمة .
لاحظ قطة أبا الحسن جالسة فوق جهاز الراديو في مكتب دار الشورى القديم بالقاهرة عام ١٩٣٩
|
كما كنت ترى فيها أحراراً من العراق كالشاعر جميل صدقي الزهاوي ، والمؤرخ أحمد عزت الأعظمي ، والمؤرخ السياسي رُفّائيل بطي ، والزعيم اليمني أحمد محمد نعمان ، الذي أصبح فيما بعد رئيسا لوزراء اليمن ، ومجاهدي مسلمي الهند كمولانا شوكت علي ، والحكيم أجمل خان ، وغيرهم من الذين جاءوا من الشرق الأقصى كالدكتور سطومو ، ورفاقه من مجاهدي أندونيسيا مثل الجنرال عبد الحارس ناسوتيون ومحمد حتى نائب رئيس الجمهورية ، وأحمد سوبارجو ، ومحمد رشيدي ، وزين حسن اللذان أصبحا بعد الاستقلال سفراء لأندونيسيا في القاهرة ، وعبد الجليل حسن الذي أصبح مفتي للملايو (أي ماليزيا) وعميداً لجامعتها ، والزعيم الأفغاني الصادق المجدّدي الذي أصبح وزيرا مفوضا لبلاده في القاهرة ، وابراهيم السقّاف زعيم مسلمي سنغافورة ، وعشرات من غيرهم الذين وجدوا في دار الشورى إخوانا وأصدقاء ومعارف وأحباباً . فيفهمون بعضهم بعضاً بغاية السرعة .
|
الحاج أغوس سالم أول وزير خارجية لأندونيسيا بعد استقلال بلاده
مع عدد من مواطنيه في "دار الشورى" بالقاهرة عام ١٩٤٦ |
وكان يؤم "دار الشورى" بصفة دائمة العديد من مشاهير الكتاب والصحفيين والشعراء المصريين مثل وديـع فلسطين ، الأستاذ في الجامعة الأمريكية بالقاهرة الذي لا يزال ينشر مقالات حول الأدب والأدباء المصريين والعرب . هذا إلى جانب الأديب والمؤلف المصري والعربي الشهير علي أحمد باكثير الذي عرضت رواياته على مسرح دار الأوبرا الملكية في القاهرة .