محمد علي الطاهر
 

نبذة ذاتية

>

صفحة ٦٧

ملحـق ٣

أحمد حلمي باشا

لعب أحمد حلمي عبد الباقي باشا (١٨٨٢ - ١٩٦٣) دوراًً سياسياً واقتصادياًً وإنسانياً لا مثيل لهما في مسيرة قضية فلسطين ، وقام بأدوار وطنية بارزة للحفاظ على عروبتها والدفاع عنها منذ بداية القرن الماضي . علماً بأن نضاله في سبيل القضايا الوطنية بدأ منذ أيام الدولة العثمانية عندما شارك في الدفاع عن سوريا الكبرى والعراق  من الإحتلال العسكري البريطاني .

فقد قاد فرقة من المتطوعين الذين قاتلوا إلى جانب القوات العثمانية وهزموا الجنرال تشارلز تاونشند البريطاني في موقعة كوت الإمارة عام ١٩١٥ في العراق خلال الحرب العالمية الأولى . وبعد أن تولى الأمير فيصل بن الحسين الحكم في سوريا عُـيّنَ مديراً عاماً لوزارة المالية إلى أن احتل الفرنسيون دمشق فتوجه إلى عمان حيث اختاره الشريف حسين بن علي (شريف مكة) ناظراً لخط سكة حديد الحجاز .

وقد شارك حلمي باشا في تأسيس البنك العربي في فلسطين عام ١٩٣١ ثم البنك الزراعي ، وبعدها صندوق الأمة ، فبنك الأمة العربية عام ١٩٤١ . وكان الهدف الرئيسي من المشاريع الثلاث الأخيرة توفير القروض للفلاحين الفلسطينيين لإنقاذ الأراضي العربية التي تسعى الوكالة اليهودية الإستيلاء عليها بالتعاون مع حكومة فلسطين البريطانية .

وقد نفته سلطات الإنتداب البريطانية سـنة ١٩٣٧ إلى جزر سيشل في المحيط الهندي مع رفاقه في اللجنة العربية العليا الدكتور حسين فخري الخالدي ويعقوب الغصين وفؤاد سابا ورشيد الحاج ابراهيم٤٥ وذلك بهدف تجميد القيادات الفلسطينية إثر ثورة فلسطين الكبرى ١٩٣٧ - ١٩٣٩ . وقد عيّنه الملك عبد الله الأول خلال عام ١٩٤٨ حاكماًً عسكرياً لمدينة القدس باعتباره وقتها الزعيم الفلسطيني الوحيد الموجود في المدينة والقائم فعلياً على تنظيم الدفاع عنها . فقد كان مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني الزعيم الفعلى للشعب الفلسطيني في ذلك الوقت هارباً من بطش بريطانيا خارج فلسطين .

عندما قررت جامعة الدول العربية إنشاء حكومة عموم فلسطين ٤٦ في غزة في ٢٣سبتمبر (أيلول) ١٩٤٨ واختارت أحمد حلمي باشا كأول رئيس لها بادر الملك عبد الله الأول بعزل أحمد حلمي باشا من منصب الحاكم العسكري للقدس . فقد كان الملك شديد المعارضة لتلك الحكومة التي اعتبر أنها خُُلقت من قبل الجامعة العربية ومنافسيه من المسؤولين العرب كي يحولوا دونه ووضع يده على القدس التي كان يسعى الحصول عليها . كما أنه كان مقتنعاً بأن هؤلاء الزعماء كانوا يحاولون منعه من ضم بعض مناطق فلسطين إلى مملكته عن طريق المحادثات السرية التي كان يقوم بها مع قادة الحركة الصهيونية . وكانت فلسطين قد سقط معظمها عندئذ بيد اليهود . أما ما تبقي منها وهو ما أصبح يعرف فيما بعد بالضفة الغربية فقد وضع الملك عبد الله الأول يده عليه ثم ضمه إلى الأردن .

فلما نجح اليهود في السيطرة على معظم فلسطين وبعد أن استسلمت باقي الحكومات العربية التي أرسلت جيوشها لتدافع عنها تحت ستار اتفاقيات الهدنة الدائمة ، وجد الباشا نفسه على رأس حكومة بدون وطن ، فاستقر في القاهرة كمدير لبنك الأمة العربية الذي كان قد أنشأه كما ذُكرآنفاً إلى أن أممت الحكومة المصرية جميع البنوك الأجنبية عام ١٩٦١ . فغادر القاهرة واستقر في بيروت . وكان قد بلغ التاسعة والسبعون . وقد أدركه الأجل عام ١٩٦٣ وهو في لبنان ونُقل جثمانه بالطائرة إلى القدس حيث ووري الثرى في الحرم القدسي مثله مثل قائد المجاهدين عبد القادر الحسيني كما ذكر في هذا الموقع.

ورغم مشاغله العديدة كان حلمي باشا شاعراً بليغاً . هذا وكان له ابن واحد من زوجته الثانية اسمه محمد (تزوج محمد سُعاد ابنة وطني فلسطيني آخر هو وجيه حيفا رشيد الحاج ابراهيم) . كما كان لحلمي باشا ثلاث بنات من زوجته الأولى هن وصفية (زوجة السياسي الليبي منصور قدارة) وسنية (زوجة عبد الحميد شومان ، صاحب البنك العربي في فلسطين) ونائلة (زوجة عبد المجيد شومان ، أي ابن عبد الحميد شومان) . هذا وقد ارتبطت عائلة حلمي باشا وأحفاده بأسرة أبو الحسن وأبنائه بصداقة حميمة .

 
عــودة إلى صفحـة ١٢
 
Eltaher.org ٢٠٢٤ © | اتصل بنا